بسم الله الرحمن الرحيم
وادي الليف ووادي الليث
جمعتنا جلسة مسعودية طيّبة ببعض الأخوة الكرام في منزل الأخ العزيز المهندس حسين المسعودي في شفا بدران من ضواحي عمّان وكنت قد زرته برفقة الأخ الفاضل الدكتور فرح بن طه آل طه المسعودي مساء الأحد 9 / 9 / 2012 م وقد ضمّت الجلسة الطيبة الأخ الغالي مهنّد بن راكان السرور المسعودي والأخوين الفاضلين سالم بن حمد بن مفلح الغريب المسعودي وخضر بن حسين بن سليم الدعّاس المسعودي وهما من كبار رجالات قبيلة المساعيد في منطقة مخيّم البقعة .
وقد استفسرني أخي العزيز المهندس حسين عن وادي الليف ووادي الليث ، ذلك أنّ أحد المساعيد قال له في جوار بينهما أنّ راشد الأحيوي خلط بين الليث والليف وأنّ المراد هو وادي الليف في البدع وليس وادي الليث في جنوبيّ الحجاز ؟!!!
قلت : وهذا الذي زعمه المذكور من التلبيس على الناس ، والتزوير على أبناء القبيلة ، والعبث بالموروث ، وليّ النصوص . وهذا يكشف عن جهل المذكور بموروث قبيلة المساعيد وتجاهله لتراثها المحفوظ كابراً عن كابرٍ جيلاً وراء جيلٍ . وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ أوّلاً : وادي الليف
1ــ في حديثه عن تفرق قبيلة المساعيد فيما كتبه عام 1906م قال نعوم شقير فيما نقله عن قبيلة الأحيوات : " وتفرق المساعيد ثلاث فرق : فرقة ذهبت شرقا فسكن فارعة المسعودي وراء حوران وفرقة ذهبت غربا فسكنت أرض مصر وعرفت هناك بأولاد سليمان وبقي منها بقيّة في برّ قطية حافظت على اسم المساعيد كما سيجيء وفرقة ذهبت جنوبا بشرق فسكنت وادي الليف في البدع من أعمال الحجاز " ( تاريخ سيناء ، ص 118 )
2ــ من المحفوظ عند قبيلة السواركة أنّهم كانوا يقطنون شماليّ الحجاز ومن ديارهم هناك وادي الليف وهو وادي عفال ــ وادي البدع ــ ( مدين ــ مغاير شعيب قديما ) قل نعوم بك شقير : " إنّ رجلين من ذرية عكاشة الصحابي وهما نصير ومنصور هاجرا من بلادهما ونزلا ضيفين على رجل من عرب بليّ في وادي الليف " ( تاريخ سيناء، ص 121) ، وقد ذكر الشيخ عبد القادر بن محمد الجزيري (911 ــ نحو 977 هــ 1505 ــ 1569 / 1570 م ) قبيلة السواركة في منطقة البدع ( مغاير شعيب ) حيث وادي الليف في شمالي الحجاز فقال : " طائفة السواركة وهم أهل عزم واختلاس من الركب ولهم بعض الخيول الأصايل ولتوارد فسادهم بالركب لا يقابلون أمراء الحاج فإنّهم كانوا أصحاب سواقة مغارة شعيب لسقاية الحاج ولهم مرتّب إلى الآن يقبضه لهم عيسى بن نعيم وقدره عشرون دينارا وهي مستمرّة الصرف على يد الرشيدات وكان منهم جسّاس بن سليم السواركي " ( الدرر الفرائد المنظّمة في أخبار الحاج وطريق مكّة المعظّمة ، ج 2، ص 1346)
قلت : هذا نصّ ثمين في بيان سكنى قبيلة السواركة في البدع ونواحيه والبدع هو مغاير شعيب ويقع في وادي الليف وهو وادي عفال .
إذن وادي الليف وادٍ معروفٍ في شماليّ الحجاز في منطقة البدع وهو وادي البدع وكان من معاقل المساعيد لا سيّما قبيلة الأحيوات ، وهو اليوم من ديار قبيلة المساعيد في شماليّ الحجاز ولم يعد يعرف بهذا الاسم .
2ــ ثانياً : وادي الليث
وادي الليث في تقاليد المساعيد وأعرافهم هو المعقل الرئيس في ديار قبيلة المساعيد الأصليّة في جنوبيّ الحجاز ، وفي موروث قبيلة المساعيد أنّ ديارهم الأصلية كانت في وادي الليث في اليمن . وهو ما وثّقه غير واحد من الكتّاب وفيما يلي بيان ذلك :
1ــ قال الرحالة الفنلندي جورج أوغست فالن في رحلته إلى شمالي الحجاز في شباط عام 1848م في ذكر مساعيد البدع : " هناك قبيلة صغيرة تدعى المساعيد لا تمت للحويطات تقول أنها نزحت في البدء من وادي ليف في اليمن " ( صور من شمالي جزيرة العرب ص146 )
قلت : ليف تصحيف ليث حسبما يرويه المساعيد إلى يومنا هذا
وقد أوردنا قائمة بأسماء كبار وشيخ قبائل المساعيد الذين نقلوا عمّ، تقدّمهم بأنّ ديار المساعيد القديمة كانت في وادي الليث في موضوعنا : ( وادي الليث من ديار المساعيد القديمة : قائمة بأسماء الرواة ) الموجود على الرابط التالي :
وهذا يكشف أن اسم الليث تصحّف عن الرحّالة الفنلندي إلى الليف مع ملاحظة أن وادي الليف هذا لو سلّمنا بصحّة الاسم وعدم تصحيفه هو في اليمن وليس في شماليّ الحجاز .
2ــ في كتابه الصادر في مدينة هالة الألمانية عام 1875 م الذي ترجم جزءا منه الدكتور غازي عبد الرحيم شنيك قال المستشرق الألماني البرخت زيمه في حديثه عن شمالي الحجاز : " القبيلة الرئيسية بين وادي موسى ووجه هي قبيلة الحويطات والى جانبها وجانب بني عقبة توجد قبيلة المساعيد التي تقول أنها هاجرت إلى المنطقة من اليمن " ( شبه الجزيرة العربية في كتابات الرحالة الغربيين في مائة عام " 1770 ــ 1870 م " ، ص 12 )
3ــ قال الرحالة التركي نعمان قسطلي في حديثه عن مقام الأمير علي المنطار والمنطار من أمراء قبيلة المساعيد حين مروره بغزة نهار الثلاثاء الموافق 20 / نيسان / 1875م : " بها مقام يسمونه بالشيخ علي المنطار يزعمون أنه من أهل اليمن " ( السياحة وبعض آثار جبل الخليل ــ قسم 1 ــ ص39 )
هذا ما أحببت بيانه بهذا الخصوص ، والحقيقة هي بنت البحث .